السياسة

أهمية وانعكاسات زيارة الرئيس الشرع إلى السعودية

في ضوء زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع يوم غد إلى المملكة العربية السعودية، يجري الحديث بين الخبراء الاقتصاديين والسياسيين عن أهمية الزيارة وانعكاساتها من ناحية تعزير الاستقرار السياسي والتعاون الاقتصادي الإقليمي إلى جانب المشاركة العربية في مرحلة إعادة الإعمار.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الشرع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بالإضافة إلى مشاركته في النسخة التاسعة من مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”.

أهمية الزيارة

وتحمل الزيارة في طياتها أهمية سياسية وأمنية لا تقل عن البعد الاقتصادي في ظل عودة سوريا إلى المحيط العربي، حيث أكد الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، في لقاء خاص مع “موقع الإخبارية” أن الزيارة تمثل استمراراً لجهود التنسيق بين البلدين بما يخدم استقرار المنطقة ويسرع عملية الاستقرار في سوريا.

وتعد هذه الزيارة الثالثة للرئيس الشرع، حيث سبق أن زار السعودية في شباط الماضي، والتقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما زارها مرة أخرى في أيار الماضي للمشاركة في القمة الخليجية الأمريكية بالعاصمة السعودية الرياض، والتي شملت لقاءً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

من جانبه، رأى الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، محمد زكوان كوكه، أن الزيارة تمثّل ترسيخاً لمسار استعادة سوريا لموقعها الطبيعي عربياً بعد سنوات من العزلة.

وقال كوكه في حديث خاص موقع الإخبارية إن الزيارة تهدف إلى تحويل التفاهمات السياسية السابقة إلى تعاون اقتصادي وتنموي فعلي

خصوصية العلاقة بين الرياض ودمشق

مهد سقوط النظام البائد في كانون الأول الماضي الطريق أمام إعادة صياغة العلاقات بين سوريا ودول المنطقة.

وأوضح علوان أن سوريا انتقلت من كونها مصدر إزعاج وتحديات أمنية في المنطقة إلى تموضعها الجديد كحليف استراتيجي للدول المستثمرة في استقرار المنطقة، وبالتالي في التنمية والازدهار فيها.

وعاد علوان بالحديث إلى فترة العلاقات بين النظام البائد ومحيطه، في ظل سعي المملكة سابقاً إلى إعادة سوريا إلى عمقها العربي، إلا أن النظام البائد لم يكن مستجيباً.

وأتاح إسقاط النظام البائد الفرصة أمام بناء علاقات عربية قائمة على المصالح المشتركة، حيث بين الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية أن العلاقات السورية السعودية بدأت تأخذ شكلاً جديداً ومساراً نحو شراكة استراتيجية خصوصاً بعد تبني سوريا لسياسات إيجابية تجاه محيطها العربي.

ولفت كوكه الانتباه إلى أن الرياض تملك ثقلاً سياسياً وتمويلياً يجعلها طرفاً أساسياً في أي مسار عربي–إقليمي نحو الاستقرار.

أما من الناحية الاقتصادية البحتة، أكد كوكه أن السعودية قادرة على دعم مسار التعافي المبكر في سوريا عبر تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات.

انعكاسات سياسية واقتصادية

أثمرت الجهود الإقليمية وخصوصاً المملكة العربية السعودية في رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا ما أتاح لها إمكانية الاستفادة من موقعها الجغرافي في قلب معادلات الازدهار الاقتصادي الإقليمية والدولية.

ورأى علوان أن سوريا أصبحت حليفاً لتركيا ولدول الخليج معاً، وشدد على أنه من المهم أن تكون سوريا بوابة لازدهار المنطقة اقتصادياً، وأن تحقق الصلة الطبيعية بين الدول العربية عموماً، وكذلك بين تركيا وأوروبا.

وفي ظل الحديث عن خط التنمية الذي أعلن عنه في عام 2023 ويبدأ من العراق إلى تركيا بهدف الوصول إلى أوروبا، بين علوان أن سوريا هي الشريان الاقتصادي الذي يربط العالم العربي مع تركيا وأوروبا.

وتثير الزيارة واللقاءات بين البلدين تساؤلات عن انعكاساتها المحتملة على الواقع السوري سياسياً واقتصادياً، وضرب علوان مثال بالدور الذي لعبته الرياض في إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة الإسراع في رفع العقوبات والانفتاح على الانتقال السياسي.

وتوقع علوان أن تلعب السعودية دوراً رائداً على مستوى الاستثمارات الاقتصادية التي ستساهم في تعزيز الاستقرار المجتمعي والأمني في سوريا.

وفيما يخص التأثيرات على الاقتصاد المحلي، ربط كوكه بين انتظام اللقاءات وتعزّيز ثقة الأسواق والمستثمرين بشكل يخفض سقف المخاطر الاقتصادية، ورأى أن السوريين يتطلعون إلى إمكانية تفعيل مشاريع خدمية سريعة الأثر (كهرباء، مخابز، نقل، مياه) بدعم سعودي مباشر.

إعادة الإعمار

بعد أكثر من 14 عاماً من الحرب التي سببت أضراراً بالبنية التحتية والاقتصاد، تنظر سوريا إلى مشاركة عربية في إعادة الإعمار، وذلك في وقت قدر فيه البنك الدولي، في 21 تشرين الأول الجاري، تكلفة إعادة إعمار البلاد بنحو 216 مليار دولار.

وحول هذه الجانب، لفت علوان إلى أن المملكة العربية السعودية ستكون حاضرة في إعادة إعمار سوريا، بالإضافة إلى تحفيز الاقتصاد وإنعاش الاستثمار، مما سيساهم في تسريع عملية التعافي الداخلي.

من جانبه، توقع كوكه أن تسهم المملكة عبر التمويل الإنساني والتنموي في مشاريع “التعافي المبكر” من خلال مركز الملك سلمان أو صندوق التنمية هيئات الاستثمار السعودية.

ورأى كوكه أن الشركات السعودية يمكن أن تدخل عبر شراكات بصيغ PPP وBOT في قطاعات الطاقة والاتصالات والبنية التحتية.

وأكد كوكه أن الدعوة السعودية لسوريا إلى مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” يعكس دوراً سعودياً يتجاوز الاستثمار إلى عمليات التشبيك وفتح الأبواب أمام سوريا نحو فضاءات استثمارية أوسع.

ومن المقرر أن يلقي الرئيس الشرع كلمة في المؤتمر المنعقد في الرياض، كما سيجتمع مع كبرى الشركات الاستثمارية والمؤسسات الاقتصادية العالمية.

وأفاد موفد الإخبارية أن وفداً سورياً رفيع المستوى يضم عدداً من الوزراء وصل اليوم، إلى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”.

ولفت الموفد إلى أن مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” المقام في العاصمة الرياض، سيحضره عدد من الرؤساء والشخصيات السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى شركات عالمية.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى