السياسة

الرئيس الشرع في نيويورك.. انفتاح سوريا على العالم

شكلت زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت يوم الأحد 21 أيلول، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حدثاً تاريخياً يفتح الباب أمام عودة العلاقات السورية الأميركية. وتأتي زيارة الرئيس الشرع للولايات المتحدة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، واللقاء التاريخي الذي جمعهما في العاصمة الرياض منتصف شهر أيار الفائت.

الأبعاد السياسية للزيارة

الباحث السياسي حازم الغبرا يرى أن ما جرى في نيويورك عقب وصول الرئيس الشرع هو حدث بالغ الأهمية، إذ تشهد الأمم المتحدة أول مشاركة رئاسية لسوريا منذ أكثر من نصف قرن.

وقال في تصريح خاص لموقع الإخبارية: “إن هذه العودة تعكس الاهتمام الدولي بالتغيير الإيجابي في سوريا، وفتح صفحة جديدة تقوم على الاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات تجاه المجتمع الدولي”. وأشار إلى أن الانعكاسات السياسية لهذه المشاركة ستتوقف على طبيعة الحوارات والجهود الرسمية التي ستبذلها الحكومة السورية في معالجة الملفات العالقة، والانتقال نحو مستقبل أفضل.

وبحسب الغبرا، فإن موقع سوريا في التوازنات الإقليمية والدولية تحدده القدرة على طرح صورة جديدة للدور السوري عالمياً. وأضاف: “هناك تطلعات دولية أن تكون سوريا لاعباً إيجابياً في حل القضايا المعقدة في المنطقة”، وأن المشاركة الحالية في الأمم المتحدة هي خطوة إيجابية، لكنها جزء من عملية مستمرة لإعادة بناء العلاقات السياسية بين سوريا والدول الأوروبية والولايات المتحدة والعالم. وشدد على أن هناك الكثير من العمل المطلوب في هذا السياق.

سوريا ما بعد التحرير

من جهته، وصف الباحث السياسي في مركز حرمون، أحمد زكريا، مشاركة الرئيس الشرع في هذه الدورة بأنها تأتي في توقيت حساس جداً في ظل ما تشهده سوريا من تطورات منذ بدء التحرير وحتى هذه اللحظة. وأشار إلى أن سوريا تتصدر المشهد محلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، وتشغل حيزاً كبيراً في كبرى وسائل الإعلام العالمية.

وأكد زكريا في حديث لموقع الإخبارية على وجود رغبة غربية ودولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، في أن لا تعود سوريا إلى ما عاشته على مدار أربعة عشر عاماً. وأضاف: “الرغبة هي أن تكون سوريا دولة آمنة ومستقرة، دون وجود أي مسبب أمني يزعزع الاستقرار، لا سيما فيما يتعلق بالميليشيات والفلول وغيرها من الأطراف التي كانت تنفذ أجندات إيرانية أو إسرائيلية أو غربية”.

وحول زيارة الرئيس الشرع قال: “هذه الزيارة لها تأثير كبير على التوازنات الإقليمية والدولية، إذ إن وجود الرئيس الشرع يعكس عودة سوريا الجديدة إلى موقعها الطبيعي الذي كان يجب أن تكون عليه، بعد أن خلف نظام الأسد البائد آثاراً جعلت سوريا والسوريين بعيدين عن التطور في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية”. وأشار إلى أن هذه الزيارة تمهد لانفتاح دبلوماسي أوسع بين سوريا والولايات المتحدة وحتى الدول الغربية، حيث بدأ الموقف الأمريكي بالتغير الإيجابي تدريجياً، وهو ما قد يكون مفتاحاً بالنسبة للدول الأوروبية وبقية الأطراف.

انفتاح دبلوماسي واسع

ويرى زكريا أن هذا الانفتاح سيتضح خلال الأيام القادمة أثناء وجود الرئيس في الولايات المتحدة، سواء في نيويورك أو واشنطن، من خلال لقاء شخصيات وأطراف على مستوى صناع القرار، بما يسهم في تعزيز الانفتاح الدبلوماسي الأوسع. وأوضح أنه منذ بداية التحرير وحتى اليوم، شهدنا افتتاح بعض السفارات أو تعيين قائمين بالأعمال في بعثاتها، فضلاً عن التحركات الدبلوماسية وتعيين إبراهيم العليبي سفيراً لسوريا في الأمم المتحدة، وهذا مؤشر مهم على نجاح السياسة الخارجية السورية، وهو ما يمهد لانفتاح دبلوماسي أوسع خلال الأسابيع أو الأشهر القادمة.

وأكد أن الحكومة بقيادة الرئيس الشرع ووزير الخارجية الشيباني، وفقاً للباحث، نجحت في تحقيق مطلب الشعب السوري في أن يكون جزءاً من صنع القرار السياسي. وقال: “اليوم نحن أمام ممثلين عن الشعب يتحدثون باسمه، وهو ما يسهم في حل الكثير من الملفات المرتبطة بالمسار السياسي، بما في ذلك الملفات الأمنية والاقتصادية”.

إلى ذلك، أكد زكي لبابيدي عضو المجلس السوري الأمريكي أن الدبلوماسية السورية نجحت إقليمياً ودولياً في إقناع الدول المحيطة والدول العربية، وحتى دول أوروبا والولايات المتحدة، بأن استقرار سوريا أمر أساسي لاستقرار المنطقة والعالم. ويرى أن هذه الزيارة تطوي الصفحة التي رسمها النظام البائد والتي تجسد الإرهاب والمخدرات، وتنتقل بسوريا إلى صورة جديدة، حيث تعود إلى قلب العالم العربي والمجتمع الدولي.

وأكّد أن هذه الزيارة تمثل بداية مرحلة جديدة تقوم على إنهاء وجود “حزب الله” وإيران في سوريا، وإعادتها إلى حضنها العربي، وإلى موقعها كدولة تسعى إلى إعادة بناء اقتصادها واستعادة مكانتها الدولية على الساحة السياسية في أسرع وقت ممكن.

ويرى أن الأهمية تكمن في التوقيت، لرفع العقوبات والسماح للسوريين بالنهوض ببلدهم، والمضي قدمًا في عملية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين.

الدبلوماسية السورية وتحقيق التوازن

ولفت إلى أن الدبلوماسية السورية اليوم لا تقوم على رمي سوريا في أحضان الشرق أو الغرب، بل تنطلق من مبدأ المصالح الوطنية السورية، سواء على الصعيد الدولي أو الإقليمي. وأشار إلى أن تعزيز العلاقات السياسية بين سوريا والولايات المتحدة يسمح برفع العقوبات المفروضة على سوريا، الأمر الذي سيشجع الشركات الأمريكية الكبرى على الاستثمار، ويتيح إعادة إدخال التكنولوجيا الحديثة التي كانت محظورة عنها، مثل الصناعات المتطورة، والطائرات، ووسائل الاتصال، إلى جانب القطاع المصرفي والبنكي الذي تعطّل طويلاً نتيجة عزل سوريا عن النظام المالي العالمي.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى