الأخبار المحلية

متحف افتراضي يوثّق ذاكرة السجون السورية


أطلق في أيلول/سبتمبر 2025 “متحف السجون السوري الافتراضي” كمبادرة استقصائية غير مسبوقة، تهدف إلى التحقيق في الجرائم والانتهاكات التي وقعت داخل السجون السورية، وصون الذاكرة الجماعية للسجينات والسجناء وضحايا الإخفاء القسري. 
ويسعى المتحف إلى تخليد ذكرى الضحايا والمفقودين عبر جمع الوثائق، الشهادات، والتحقيقات، وتقديمها ضمن منصّة رقمية مفتوحة أمام الجمهور.
ويعتمد المشروع الجديد الذي أطلقته مؤسسة متحف السجون على خبرتها السابقة عام 2017، حين وثّقت تجارب المعتقلين لدى تنظيم “داعش”.
 وتعاونت المؤسسة فيما بعد مع منظمات سورية ودولية تُعنى بالمفقودين والعدالة الجنائية لتأسيس متحف افتراضي يوثق هذه الانتهاكات.
ووفق القائمين على المشروع فإنه يضم شهادات مباشرة من ناجين وعائلات المفقودين، إضافةً إلى مواد أرشيفية وإعادة بناء رقمية لمشاهد من داخل السجون.
وأولى محطات المتحف كانت سجن صيدنايا العسكري (2011-2024)، الذي ارتبط اسمه بالرعب منذ تأسيسه عام 1987، وتحول بعد اندلاع الثورة السورية إلى مركز رئيسي للتعذيب والاعتقال التعسفي والإعدامات. عقب سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 دخل فريق المتحف إلى السجن ليشرع في توثيق ما جرى بين جدرانه.
جولات افتراضية
والمتحف الافتراضي الأول من نوعه يقدّم جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد (3D) تكشف تفاصيل البنية المعمارية للسجن وعلاقته بأنماط القمع، إلى جانب وثائق أصلية تشمل سجلات الاعتقال والوفيات والتقارير الطبية. كما يوثّق شهادات مصوّرة لناجين وذوي معتقلين، تضيء على التجارب القاسية وظروف الحياة اليومية خلف القضبان.
وبالتعاون مع رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا والمركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، يوفّر المتحف مرجعًا دقيقًا للأهالي والباحثين والمهتمين، ويؤكد أن هذه الجهود ليست فقط لحفظ الذاكرة، بل أيضًا لتعزيز مسارات العدالة والمساءلة.
وبهذا المشروع، يصبح المتحف شاهدًا رقميًا على واحد من أكثر السجون رعبًا في تاريخ سوريا، وجسرًا يربط بين الذاكرة والعدالة.
على مدى سنوات، استخدم نظام الأسد السجون كوسيلة لتخويف المعارضين وقمع أي صوت مخالف. كثير من المعتقلين اختفوا داخل هذه المرافق، وما زالت مصائرهم مجهولة حتى بعد تحرير بعض السجون إثر سقوط النظام.
وفي مايو الماضي، أعلنت السلطات الجديدة في سوريا عن تأسيس لجنة وطنية للمفقودين وأخرى تُعنى بالعدالة الانتقالية. ورغم الترحيب الحذر من المنظمات الحقوقية والناشطين بهذه الخطوات، فإنهم يرون أن الطريق إلى العدالة ما يزال طويلًا، مشددين على أن جميع أطراف الصراع السوري يجب أن تخضع للمحاسبة، وأن تكون التحقيقات مستقلة تماما.
فارس الرفاعي – زمان الوصل


المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى